تشهد ساحة أولاد وجيه بالقنيطرة في هذه الأيام تحضيرات غير مسبوقة لاستقبال أكبر عروض التبوريدة ضمن فعاليات مهرجان القنيطرة الثقافي والسياحي الأول، المرتقب انطلاقه يوم الجمعة. تعكس هذه التحضيرات المكثفة الجدية والحرص على تقديم حدث يليق بتاريخ المدينة وتراثها الأصيل.
عكست التحضيرات الجارية بساحة أولاد وجيه حجم الانخراط المؤسساتي لإنجاح النسخة الأولى من مهرجان القنيطرة الثقافي والسياحي، حيث حرصت السلطات المحلية والمنتخبون على متابعة تفاصيل التنظيم ميدانيا، فقد قادت رئيسة المجلس البلدي أمينة حروزة، رفقة نائبها المكلف بالصيانة العامة سمير الأعرج، جولة إشرافية لمعاينة الاستعدادات، في إشارة واضحة إلى أن المجلس اختار الانخراط المباشر لضمان جودة التنظيم.
ولم يقتصر الحضور على المنتخبين، بل انخرطت السلطات الترابية بشكل بارز، إذ رافق الجولة كل من باشا المدينة، بنعاشر عربة، ورئيس الدائرة الحضرية أولاد وجيه بوشعيب بنعطوش، للتأكيد على أن الفعالية تتجاوز بعدها الترفيهي لتأخذ طابعا يهم صورة المدينة وسمعتها.
برز على المستوى الفني دور رئيس فدرالية جمعيات الفروسية وفن التبوريدة محمد الفيلالي القصري، باعتباره حلقة الوصل بين المنظمين وفرسان التبوريدة، حيث اضطلع بمهمة التنسيق التقني بما يضمن إخراج العروض في حلة تعكس أصالة هذا الفن.
ساهم على مستوى الدعم الإداري مدير الديوان منير الحاج السعداوي، رئيس القسم الاقتصادي والتنسيق بعمالة القنيطرة عادل الخطابي، في ترسيخ الجهود التنظيمية من خلال ربط مختلف المصالح وتيسير المساطر، ما يعكس جدية المقاربة التشاركية التي تراهن عليها المدينة لإنجاح هذه التظاهرة التراثية الكبرى.
يتضح تضافر الجهود بين المنتخبين والسلطات والهيئات الجمعوية، أن القنيطرة تسعى إلى صياغة صورة كمدينة قادرة على احتضان فعاليات كبرى تعكس أصالتها وتستجيب لتطلعات ساكنتها وزوارها.
لم تقتصر التحضيرات الجارية بساحة أولاد وجيه على ترتيبات تقنية عابرة، بل تجسد رؤية تنظيمية دقيقة من أجل إضفاء طابع استثنائي على النسخة الأولى من مهرجان التبوريدة، فقد شملت العملية إعادة تهيئة أرضية الساحة عبر الحرث والرش بالماء لتأمين الظروف المثلى لحركة الخيول، إلى جانب تثبيت 30 عمودا كهربائيا مجهزا بمصابيح LED، خطوة تعكس حرص المنظمين على إبراز جمالية العروض الليلية ومنحها بعدا احتفاليا يليق بالمناسبة.
ومن أبرز مستجدات هذه الدورة، اعتماد حواجز حديدية تفصل بين فضاء العرض ومنطقة الجمهور، تجربة تطبق لأول مرة، إجراء يترجم التوجه لتوفير شروط السلامة والراحة للزوار، بما يواكب المعايير التنظيمية المتعارف عليها في كبريات التظاهرات الثقافية، ولا تكمن قيمة الحدث في البنية اللوجستيكية وحدها، بل أيضا في غنى المشاركة، إذ يلتئم في هذه النسخة 45 سربة تمثل مختلف مناطق الجهة، بما يقارب 1000 فارس و1000 فرس، لتشكيل لوحة جماعية ضخمة تعكس حجم الانفتاح والشمولية، وتجعل من القنيطرة مسرحا لأول تجربة بهذا الزخم في تاريخها.
جرى تزيين الساحة بالأعلام الوطنية التي ترفرف في محيطها لإضفاء بعد رمزي على الفضاء، في تعبير عن الاعتزاز بالهوية والانتماء، كما نصبت خيام مخصصة لاستقبال عامل الإقليم والوفد الرسمي، إلى جانب فضاءات خاصة بالضيوف والزوار، في مشهد يجسد مستوى عاليا من التنظيم والاحترافية، ويؤشر على رغبة القنيطرة في ترسيخ مكانتها كوجهة ثقافية وسياحية صاعدة.
أكد رئيس فدرالية جمعيات الفروسية وتربية الخيول وفن التبوريدة محمد الفيلالي القصري،
على أن جميع الترتيبات التنظيمية، سواء اللوجستيكية أو الفنية، قد اكتملت بشكل تضمن إخراج عروض التبوريدة في أبهى صورها، مبرزا أن التنسيق بين مختلف المتدخلين يسير بانسجام، ما يتيح تقديم حدث استثنائي يتجاوز البعد الترفيهي إلى إبراز القيمة الرمزية لفن التبوريدة كجزء أصيل من الذاكرة الثقافية المغربية.
يعكس هذا الحرص، وفق المتتبعين، رغبة المنظمين في تحويل التظاهرة إلى محطة تعيد الاعتبار لهذا الموروث الشعبي، باعتباره تجسيدا لعلاقة المغاربة بأرضهم وامتدادا لهويتهم الوطنية، ومع اقتراب الانطلاق، تتعاظم التطلعات لدى سكان القنيطرة وزوارها لمعاينة عروض فروسية غير مسبوقة، توافق بين جماليات الأداء وعمق الانتماء، في صورة احتفالية تختزل قوة الذاكرة الجماعية وقدرتها على الاستمرار.