أصدر المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب بيانًا شديد اللهجة ينتقد فيه التصريحات الأخيرة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال ندوة أقيمت في الرباط حول مشروع قانون المسطرة الجنائية. واعتبر النادي أن هذه التصريحات تعكس نهجًا متكررًا في التقليل من مكانة القضاة وجمعياتهم المهنية، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا لمبدأ استقلال السلطة القضائية الذي يكفله الدستور.
وأشار البيان إلى أن الطريقة التي تحدث بها الوزير تتنافى مع الأعراف المتبعة في وزارة العدل، إذ اتسمت بالاستخفاف وعدم المسؤولية، مما يمثل خرقًا واضحًا لواجب التحفظ الذي يُفترض أن يلتزم به كل مسؤول حكومي، لا سيما عند الحديث عن القضاء. كما شدد على أن القضاة لا ينفذون القوانين وفق الأهواء، بل يطبقونها طبقًا للنصوص الدستورية، مستشهدًا بالفصل 110 من الدستور.
وأعرب النادي عن استيائه من إقصاء الجمعيات المهنية للقضاة من عملية إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرًا أن ذلك يعد انتهاكًا للفصل 12 من الدستور، الذي يلزم السلطات باعتماد مقاربة تشاركية تشمل مختلف الفاعلين، بمن فيهم القضاة. وأكد أن الديمقراطية التشاركية ليست امتيازًا تمنحه وزارة العدل، بل هي التزام دستوري لا يمكن تجاوزه.
وفي سياق متصل، رفض النادي بشدة تصريحات الوزير التي توحي بأن استقلال القضاء يُمنح للقضاة، موضحًا أن هذا الموقف يتناقض مع الإرادة الملكية السامية ومع ما أقرّه المغاربة في دستور 2011. وأضاف أن هذه التصريحات تكرس فهمًا خاطئًا لمفهوم استقلالية القضاء، مما قد يضر بثقة المواطنين في العدالة.
وأكد البيان أن السلطة القضائية مستقلة تمامًا عن الجهاز التنفيذي، وفقًا لما ينص عليه الفصل 107 من الدستور، مشددًا على أن تقييم عمل القضاة وقراراتهم، بما في ذلك الأوامر المتعلقة بالسراح المؤقت، ليس من اختصاص وزير العدل. واعتبر أن أي تدخل في هذا الشأن يمثل مساسًا خطيرًا باستقلال القضاء وهيبته، ويقوض الجهود المبذولة لتعزيز الثقة في المنظومة العدلية.
وفي ختام بيانه، أكد نادي القضاة التزامه بالدفاع عن استقلالية القضاء، انسجامًا مع أحكام الدستور والتوجيهات الملكية السامية، داعيًا إلى احترام الفصل بين السلطات وضمان إشراك القضاة في كل القوانين والتشريعات التي تهم مهامهم، بما يعزز مكانة القضاء في الدولة
