في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تُفاقم من ندرة الموارد المائية، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، برزت الحاجة الملحّة إلى حلول عملية تُعزز الاستغلال الرشيد للماء، وتساهم في تنمية الفضاءات الخضراء رغم شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. من بين أبرز هذه الحلول، تبرز تقنية “الوتر بوكس” كابتكار بيئي ذكي وواعد.
يستطيع الجهاز تخزين 30 لترًا من الماء، ويكفي لسقي الشجرة لمدة تصل إلى 3 أشهر. وهو ما يضمن بيئة مثالية لنمو النباتات في مراحلها الأولى.
الوتر بوكس، أو “صندوق الماء”، هو جهاز صُمم خصيصًا لسقي الأشجار بطريقة فعالة واقتصادية، مستهدفًا بالأساس المناطق المتأثرة بندرة المياه. للتعرف أكثر على هذه التقنية، التقى فريقنا بالأستاذ الحسين الذهبي، أستاذ علوم الحياة والأرض ورئيس أكاديمية المناخ والحكامة البيئية، الذي أكد أن هذه الأداة “ليست مجرد وعاء مائي، بل منظومة ذكية تسقي النباتات بقطرات محسوبة، وتساهم في خلق بيئة صديقة ومستدامة”.
وأوضح الأستاذ الذهبي أن الوتر بوكس مصنوع من مواد مقاومة للحرارة وأشعة الشمس، مما يضمن فعاليته حتى في أقسى الظروف المناخية، إلى جانب كونه يتميّز الوتر بوكس بتصميمه الذكي المصنوع من مادة بلاستيكية صديقة للبيئة وقابلة للتحلل الحيوي، مع عمر افتراضي يصل إلى عشر سنوات.
وللوقوف على مدى نجاعة هذه التقنية على أرض الواقع، كانت لنا زيارة إلى المعهد المتخصص في التكنولوجيا التطبيقية الفندقية والسياحية بورزازات، والذي يعد من المؤسسات الرائدة في اعتماد هذه التقنية. إذ تم غرس أكثر من 300 شجرة باستخدام الوتر بوكس، في مبادرة تعكس رؤية المعهد نحو إرساء فضاء إيكولوجي مستدام، مع المحافظة على الموارد المائية الثمينة.
بفضل نظامه الفريد، يُوصَل الخزان بجذور النباتات عبر فتيل نسيجي مبتكر، يوفّر ترطيبًا مستمرًا ومتوازنًا يعزز نمو النبات ويوفّر الماء بكفاءة عالية
ويعمل الوتر بوكس على إيصال المياه مباشرة إلى جذور الأشجار عبر خيط دقيق، مما يمنع تبخر الماء أو ضياعه.
وفي هذا السياق، أشار مدير المعهد محمد ختوش ان “الوتر بوكس ساعد على تحقيق توازن بيئي واقتصاد مائي مهم، وساهم في تحويل المؤسسة إلى نموذج يُحتذى به في التسيير الأخضر”.
خلاصة القول، فإن الوتر بوكس ليس فقط تقنية لسقي الأشجار، بل هو رسالة أمل لصحارى تُعاني من التهميش، وخطوة ذكية نحو زراعة مستدامة تراعي ندرة المياه. فالماء ليس موردًا فقط، بل هو حياة… والحفاظ عليه مسؤولية الجميع.
