كلمة السيد الوالي في اجتماع الدورة العادية لمجلس جهة سوس ماسة

3 أكتوبر 2022
كلمة السيد الوالي في اجتماع الدورة العادية لمجلس جهة سوس ماسة

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على النبي الأمين
وعلى آله وصحبه أجمعين

السيد رئيس مجلس جهة سوس ماسة؛
السيدات والسادة أعضاء مجلس الجهة؛
السيدات والسادة رؤساء القطاعات الحكومية والمصالح اللاممركزة؛
أيُّها الحضور الكريم.

يُسعدني بدايةً أنْ أعَبِّرَ لكم عن بالِغِ اعتزازي بِالمُشاركة في أشْغال مَجْلِسِكم الموقر في دورته العادية برسم شهر أكتوبر 2022، التي تنعقدُ في سياقٍ وَطَني تَطْبَعُهُ التَّعْبِئة من أجْل التَّفْعيل الكامِل للتَّوْجيهات السامية لِصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بما فيها تلك الوارِدَة في خطابَيْه السامِيَّيْن بمُناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لِعِيدِ العرش المجيد و الذكرى التاسعة والستين لِثَوْرَة الملكِ والشعب، بخُصوص تعزيز آلِيات التضامن الوطني والتركيز على نِقاط القوة في مواجهة التَّقَلُّبات التي يَعْرِفُها الوضعُ الدولي، والاستفادة من الفُرص والآفاق التي تفتحُها هذه التَّحَوُّلات في مجال جلْب الاستثمار، ومُحاربة ما يُواجِهُهُ اسْتقطابُه من عَراقيل، فضلًا عن تحْفيز الصادرات والارتقاء بالمنتوج الوطني، في ظل تنزيل خُطة إنعاش الاقتصاد، والمشروع الوطني الكبير لتعميم الحماية الاجتماعية، في إطارِ الالتزام بالنهوض بالأوضاع السوسيو اقتصادية.
وتجدرُ الإشارة في هذا السياق إلى مشروع القانون الإطار بِمثابة ميثاق جديد للاستثمار، المعروض على البرلمان بعد مُصادقة المجلس الوزاري عليه، والذي يأتي تنفيذًا للتعليمات الملكية السامية، وتماشِيًا مع توصيات النموذج التنموي، لمُلاءمة سياسة الدولة في هذا المجال مع التحوُّلات المُؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية الجارية على الصعيدَيْن الوطني والدولي، و تعزيز جاذبية المملكة والرفع من تنافُسيتها لجعلها قُطْبًا دوليًا في مجال جَذْب الاستثمارات المباشرة و التركيز على القطاعات الإنْتاجية ذات القيمة المُضافة العالية ومِهَن المُستقبل، لِلرَّفْع من وقْع عملية الاستثمار في ميدان إحْداث فُرص الشغل القار، وتقْليص الفوارق المجالية وتحقيق التنمية المستدامة.

مع اتِّخاذ تدابير مُوازية تَتَوَخَّى تَسْريع الأوراش المُتعلقة بِتَبْسيط المساطر ورقْمَنَتِها، وتحْسين الحكامة، والتعامُل مع الجفاف كظاهرة بِنْيَوِية لا تقتصر على مُعالجة آثاره الظرفية، بل ترْمي إلى تَقْوية النَّسيج الإنتاجي وترسيخ التدبير العقلاني لِلموارد المائية.

كما تجدر الإشارة أيضا إلى تنْظيم الدورة الثانية للمُناظرة الوطنية للتنمية البشرية بالرباط في 19 شتنبر المُنصرم، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، حفظه الله، حول موضوع “جوْدة التَّعَلُّمات مِفتاحُ التنمية البشرية”، في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة ، ولاسيما برنامجها الرابع الهادِف إلى النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعِدة من خلال التَّصَدِّي المباشر والاسْتِباقي للمُعيقات الأساسية التي تُواجه التنمية البشرية. وانسجامًا مع توجيهات النموذج التنموي الجديد ومع الدينامية التي أطلقَها قِطاع التربية الوطنية والتعليم الأوَّلي، والتي جعلت من تحسين جوْدة التعلُّمات إحدى الرافعات الأساسية لِنَهْضة المدرسة المغربية.

وقد خَلُصَت هذه الدورة إلى ضرورة مُضاعفة الجهود لِدعم المنظومة التعليمية الوطنية، ولاسيما فيما يتعلق بالتدخلات الهادفة إلى الارتقاء بالتعلُّمات واكْتِساب المهارات.

أما على المستوى الجهوي، فتَشْهدُ سوس ماسة حاليًا مُواصلة انجاز مُختلف المشاريع المُهيكِلة التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس أيده الله، خلال زيارته الميمونة لها في شهر فبراير 2020، حيث تجدُر الإشارة تحديدا إلى ما يُحَقِّقُه تنْفيذ برنامج التنمية الحضرية لأكادير 2020- 2024، من تقدم مُضْطَرِدٍ في إنجاز مختلف مُكوناتِه طِبْقًا لِلْجَدْوَلَة الزمنية الْمُسَطَّرَة، بحيث تم الشُّروع في مرحلة تسْلِيمِ المشاريع، في ظِل تَعْبِئَة شامِلة للأطراف والقطاعات الْمَعنية، لِتنفيذ مُكونات هذا البرنامج الملكي المُهيكِل بالمُواصفات المطلوبة وفي الوقت المُحَدَّد بإذن الله.

حضرات السيدات والسادة؛
في إطار إسْتراتيجية مجلس الجهة الموقر بشأن تدْعِيم تنافُسية المجال التُّرابي وتجْسيد تكامُلِه، والرفع من جاذبيته للاستثمار المنتج والارتقاء بها، من خلال المُساهمة الفعالة في تقليص الفوارق المجالية والتفاوُتات الاجتماعية و ترسيخ دعائم التنمية المستدامةبالمشاريع المُهيكلة، يتواصَل إعداد برنامج التنمية الجهوية 2022/ 2027، على إثْر إطْلاقِه في فاتح غُشت الماضي، بعد إجراء المُشاورات المؤطرة لهذه الخطوة، بمُختلف عمالات وأقاليم الجهة، بمُشاركة وتعبئة مختلف الفعاليات المعنية، في إطارٍ من الالتقائية والتنسيق والتعاون، وتقديم المساعدة التقنية اللازمة لِتشخيص الوضعية القائمة وتحديد الأولويات و مكامِن القوة وأوْجُه الخَصاص. وقد تم يوم الجمعة الماضي تقْديم المُنْجَز الأوَّل من الدراسة المتعلقة بهذا البرنامج من طرف مكتب الدراسات.

وغنيٌّ عن البيان أنَّ وثيقة البرنامج ينبغي أن تتضمَّن التوجُّهات الاستراتيجية ومَحاوِر التدخُّل المُصادق عليها جماعيًا، وكذا مَنْطِق التدخُّل، والموارد المادِية والبشرية اللازمة، وطُرُق تنفيذ المشاريع والأنْشطة، وآلِيَة التتبع والتقييم.

وبهذا الخُصوص، يُمَكِّنُ التَّشْخيص من تَسْليطِ الضوء على الرِّهانات الأساسية للتنمية الجهوية، وتحديد المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجهة، ويُحدد العناصر المُحَرِّكَة لديناميَّتِها التنمَوِية .
وانطلاقًا من نَتائج هذا التشخيص وتقْييم الإكراهات والإمكانيات، يتم تحديد أوْلويات التنمية طِبْقًا لاخْتصاصات الجهة، وانْسِجامًا مع سياسة الدولة وتَنْزِيلِها على المستوى الجهوي، مع مُراعاة توجُّهات التَّصميم الجهوي لإعداد التُّراب والالتزامات المُبْرَمة للجهة، ومن ثُمَّ تحديد المشاريع والأنشطة ذات الأولوية وتوْطِينِها لِتَرْجَمَة الأهْداف إلى إجْراءات مَلْمُوسة.

حضرات السيدات والسادة؛

يَتَضَمَّنُ جدولُ أعمال هذه الدورة، العديدَ من النُّقَط الهامة، منها ما يهُمُّ الجانِبَيْن المالي والتَّدْبِيري، ومنها ما يتعلقُ بالدراسة والتصويت على العديدِ من مشاريع اتِّفاقيات الشَّراكة الرامِية إلى الحد من التفاوُتات المجالية والفوارق الاجتماعية بالنفوذ التُّرابي للجهة، بما في ذلك إنْعاش وتسْويق مُنتجات الصناعة التقليدية، والترويج للمنتجات المجالية للنهوض بالاقتصاد المحلي، وتَثْمين المُؤهلات، وتَرسيخ علامة أكادير سوس ماسة كوِجهة سياحية عالمية وتعزيز عُروضِها المتنوعة، والتسويق الترابي، وإنعاش السياحة القروية والجبلية والواحِيَّة.

وذلك إلى جانِب مشاريع تأهيل وتهيئة البنيات التحتية الأساسية والرَّبط الطُّرقي ومُنْشَآت تصريف مِياه الأمطار والحماية من الفيضانات والتطهير السائل، ومشاريع تأهيل الأحياء الناقصة التجهيز، والنهوض بالمشهد الحضري وتوفير المرافق العمومية والخَدماتية، والتجهيزات السوسيو جماعية بالعديد من مراكز الجماعات الترابية.

عِلاوة على دَعم التظاهُرات الرياضية والثقافية والْعِلْمِية، وتقوية قُدرات الشباب وتعزيز مُبادراته الخاصة وتأهيله للابْتكار والإبْداع والتنافُس ، ناهِيك عن المواكبة في مجالات الصحة والتأهيل والتربية والتكوين وحِماية التراث الثقافي والعمراني وتثْمينِه.

وهي جهودٌ مَحْمُودَة تندرج في سياق العمل الذي ما فَتِئَ المجلس المُوقر يقوم به للنهوض بالجهة، وترْسيخ دعائم التنمية المُستدامة بمختلف مناطق مجالِها الترابي، والْحَدِّ من التبايُنات السوسيو تُرابية، في إطارٍ من التعاون والتَّنْسيق والالْتِقائِيَّة مع سائِر القطاعات والفعاليات المعنية .

ولا يسعُني في الختام، إلا أن أرجو من المولى عز وجل تمامَ النجاح لأشْغال مجلسِكُم المُوقر، ودَوامَ التوفيق والسَّدَاد في مُختلف جُهوده السَّاعِيَة إلى المساهمة بفعالية ونجاعَة في الجهود المبذولة على كل المستويات لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والنهضة الاجتماعية المنشودة بهذه الجهة العزيزة لجعلها رائدة في جَلْب الاستثمارات و واجِهَة مُزدَهرة للوطَن، مُتقدمة اقتصاديًا ومُتضامنة اجتماعيًا ومجاليًا.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اخر الأخبار