فوضى استغلال الملك العمومي مسؤولية من؟

6 أكتوبر 2022
فوضى استغلال الملك العمومي مسؤولية من؟

اصبحت موجة احتلال الملك العمومي بشكل قوي في بعض مناطق جهة سوس ماسة تطرح أكثر من علامة استفهام ويعن دوافع هاته “التمييكة” الغير معهودة في تعامل السلطات مع مثل هاته الفوضى غير المنظمة ؟ وخصوصا الاحياء السكنية بحيث نرى بعض المستغلين لهذه الفضاءات والمساحات تحدث فيها حدائق خاصة ويتم تسييجها ومنهم من يمشي بعيدا فيجعل لها اسوارا وابوابا فينسبها الى نفسه مستعمرا الملك العمومي بغير حق ودون مراعاة لحقوق الجيران ،ومنهم من يجعلها مكانا لتربية الكلاب وشتى انواع الحيوانات مما يسبب ازعاجا وقلقا للجيران ،ما يجعل الكثير منهم يعانون من مثل هذه التصرفات، أليست الجماعات المحلية بدون استثناء هي من تنظم وتراقب استغلال الملك العمومي الجماعي وهو احد المجالات التي تدخل ضمن قطاع الشرطة الإدارية الجماعية، مع مجالات أخرى كالوقاية الصحية والنظافة،
هذه السلطة التنظيمية للجماعات الترابية تعززت مع الدستور الجديد من خلال النص ولأول مرة في الفصل 140 الفقرة الثانية على ” أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تتوفر في مجالات اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها” بالرغم من أنها كانت موجودة عمليا من خلال المواثيق الجماعية منذ 1976 ومن خلال مراسيم وقوانين اعترفت للسلطات المنتخبة المحلية بممارسة السلطة التنظيمية على الصعيد المحلي”
ان صلاحية ممارسة رئيس المجلس الجماعي لمهام الشرطة الإدارية في مجالات حماية الملك العام والسكينة العمومية والوقاية الصحية والنظافة والسير والجولان وسلامة المرور، من أهم الصلاحيات التي تم نقلها تدريجيا من السلطة المحلية الى رئيس المجلس عبر مختلف التعديلات التي أدخلت على قانون التنظيم الجماعي بدء من ظهير 23 يونيو 1976 مع تدقيق وتوضيح هذه الاختصاصات وتبسيط الرقابة الممارس عليها من طرف سلطة الوصاية، لوضع حد للتداخل وتنازع الاختصاصات التي طبعت علاقة المنتخبين بالسلطات المحلية على مستوى الممارسات العملية، وصولا إلى القانون التنظيمي الجديد للجماعات114-13 لسنة 2015 من خلال المادة 100 التي حصرت صلاحيات رئيس المجلس في مجال الشرطة الإدارية، مع استثناءات همت 14 حالة أسندت ممارستها الى السلطات الإدارية الممثلة في عامل العمالة آو من ينوب عنه
وعلاقة بالمقال الذي نريد منه تنوير الرأي العام والمواطنين حول موضوع أصبح حديث العام والخاص، يتعلق باحتلال الملك العمومي الجماعي من طرف هؤلاء المستغلين والمترامين عليه ، وهنا نود ان نوضح حول ( تحديد المسؤولية )
وكيف يمكننا تحديد الطرف المسؤول عن تنظيم ومراقبة الملك العمومي، رئيس الجماعة أم السلطة المحلية؟ واستدلالا على عدد من الظهائر والمراسيم المتجاوزة جاءت قبل ظهير30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي، والتي كانت ممارسة الشرطة الادارية من اختصاص رجال السلطة الممثلين في الباشا والقائد حسب ظهير 23 نونبر 1960 لكنها لم تعد كذلك بنقلها الى رئيس المجلس مع التعديل الذي عرفه الظهير سنة 1976 حيث اصبح منذ هذا التاريخ ممارسة الشرطة الادارية بكل مدلولاتها من وقاية الصحية والنظافة، والسكينة العمومية، الى مجال السير والجولان وسلامة المرور، وتنظيم ومراقبة استغلال الملك العام الجماعي من صلاحيات رئيس المجلس…وهي نفس المقتضيات التي بقيت مع التعديلات التي عرفها الميثاق الجماعي لسنوات 2002 و2009 و2015
بناء على ما سبق من الملاحظات يمكن الخروج بخلاصة، مفادها أن تنظيم استغلال الملك العام الجماعي من صلاحيات رئيس المجلس الجماعي وتدخل ضمن مجال الشرطة الإدارية التي يمارسها الرئيس بواسطة القرارات التنظيمية الجماعية او الفردية، فيما مراقبة احتلال واستغلال الملك العام الجماعي فهي مسؤولية مشتركة بين رئيس المجلس والسلطات المحلية يمارسها كل واحد بصفة مستقلة او بشكل مشترك عبر لجان تنسيق تضم اعوان وموظفي الإدارتين، حيث إن القانون التنظيمي للجماعات من خلال المادة 100 في عدد من الفقرات نص على مساهمة الجماعة في مراقبة الملك العام الجماعي، فيما المادة 110 أعطى هذا الحق ايضا للسلطة المحلية، وتفاديا لتداخل وتنازع الصلاحيات تبقى صيغة العمل المشترك والتنسيق في إطار لجان محلية أفضل صيغة للتدخل الميداني في مراقبة استغلال الملك العام الجماعي، وذلك درء لتقاذف المسؤولية ورمي كل طرف بها على الطرف الأخر، فيكون الضحية هو أمن وسكينة وطمأنينة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم..وفي حالة عدم وجود هذا التنسيق والتعاون فان مسؤولية كل طرف في حفظ وتحرير الملك العمومي ثابتة عليه بحكم القانون، عبر وسائله المادية والبشرية ومصالحه التقنية المعنية استنادا على ما بحوزته من القوانين والقرارات التنظيمية، وهنا نستخلص أن الإمكانية متوفرة بشكل أفضل لدى الجماعة للقيام بذلك من خلال توفرها على الوسائل البشرية والمادية (مصلحة الشرطة الإدارية)، وسلطة التنظيم (قرارات تنظيمية جماعية وفردية)وسلطة إقرار وتنفيذ العقوبات(الإنذار، سحب الرخصة،إغلاق المحل)
وهنا نستخلص ان الجماعة هي المسؤولة الاولى على هذه السلوكات ،لدى يجب على اللجن المعنية تكثيف الدوريات لزجر المخالفين وتنفيد العقوبات.

اخر الأخبار